الصناعة: بسبب تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، انخفضت أسعار شحن الحاويات البحرية

تشير تحليلات الصناعة إلى أن التطورات الأخيرة في السياسة التجارية الأمريكية وضعت سلاسل التوريد العالمية مرة أخرى في حالة غير مستقرة، حيث تسبب فرض الرئيس دونالد ترامب وتعليقه الجزئي لبعض التعريفات الجمركية في حدوث اضطرابات كبيرة وعدم يقين للشركات العاملة في أمريكا الشمالية.

وقد امتد هذا الشعور بعدم اليقين إلى أسعار شحن الحاويات البحرية، ووفقاً لبيانات مؤشر Freightos Baltic، فقد انخفضت أسعار شحن الحاويات البحرية إلى مستوى موسم الانخفاض التقليدي في بداية العام.

كان للإعلان الأولي عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من المكسيك وكندا تأثيرٌ مضاعف على قطاع الخدمات اللوجستية. ومع ذلك، أصدرت الحكومة في غضون أيام قليلة أمرًا بتعليق استيراد منتجات السيارات المشمولة باتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لمدة شهر، والذي تم تمديده لاحقًا ليشمل جميع المنتجات المستوردة بموجب الاتفاقية. يؤثر هذا على 50% من الواردات من كندا و38% من الواردات من المكسيك، بما في ذلك منتجات السيارات، والمنتجات الغذائية والزراعية، بالإضافة إلى العديد من المنتجات الكهربائية والإلكترونية.

تواجه السلع المستوردة المتبقية، والتي تبلغ قيمتها حوالي مليار دولار يوميًا، زيادة في الرسوم الجمركية بنسبة 25%. تشمل هذه الفئة مجموعة واسعة من المنتجات، من الهواتف وأجهزة الكمبيوتر إلى الأجهزة الطبية. وقد أدى التطبيق المفاجئ لهذه الرسوم، وما تلاه من تعليق جزئي لها، إلى اضطرابات كبيرة في النقل عبر الحدود وحركة المرور البري من المكسيك وكندا.

كتب جودا ليفين، مدير الأبحاث في شركة فريتوس، في تقرير صدر مع أحدث البيانات، أن هذا التذبذب في الرسوم الجمركية ليس حدثًا منفردًا، بل هو جزء من نمط ترامب الأوسع المتمثل في استخدام السياسة التجارية كوسيلة ضغط لتحقيق أهداف متعددة. في هذه الحالة، تشمل الأهداف المعلنة معالجة قضايا أمن الحدود ومنع تدفق الفنتانيل والمهاجرين غير الشرعيين. ومع ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن هذا يعود جزئيًا إلى وعود شركات تصنيع السيارات بنقل بعض الإنتاج من كندا والمكسيك إلى الولايات المتحدة.

قال ليفين إن حالة عدم اليقين الناجمة عن هذه التغييرات السريعة في السياسات تجعل تخطيط الشاحنين وتعديل أوضاعهم أمرًا بالغ الصعوبة. وتتخذ العديد من الشركات موقفًا مترددًا قبل الالتزام بتغييرات جوهرية في سلاسل التوريد الخاصة بها. ومع ذلك، فإن خطر زيادة الرسوم الجمركية وشيك، لا سيما على السلع المستوردة من الصين وشركاء تجاريين آخرين للولايات المتحدة، مما دفع بعض المستوردين إلى شحن البضائع البحرية قبل الموعد المحدد منذ نوفمبر، مما أدى إلى زيادة الطلب وتكاليف الشحن.

تُظهر أحدث البيانات الصادرة عن الاتحاد الوطني لتجارة التجزئة أن حجم واردات الشحن البحري الأمريكي ارتفع بنسبة 12% تقريبًا خلال الفترة من نوفمبر من العام الماضي إلى فبراير من هذا العام، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، مما يُظهر تأثيرًا دافعًا كبيرًا. ورغم أنه من المتوقع أن يظل حجم الشحن قويًا طوال شهر مايو، إلا أنه من المتوقع أن يتراجع حجم الشحن في يونيو ويوليو، مما يُشير إلى بداية ضعيفة لموسم الذروة التقليدي بسبب الشحنات المبكرة.

يتضح تأثير هذه التقلبات في السياسات التجارية أيضًا على أسعار شحن الحاويات. بعد رأس السنة القمرية الجديدة، استمرت أسعار الحاويات عبر المحيط الهادئ في الانخفاض، حيث انخفضت أسعار الشحن على الساحل الغربي إلى 2660 دولارًا أمريكيًا للوحدة المكافئة لـ 40 قدمًا، وعلى الساحل الشرقي إلى 3754 دولارًا أمريكيًا للوحدة المكافئة لـ 40 قدمًا. وبالمقارنة مع العام الماضي، انخفضت هذه الأرقام بنسبة 40%، وهي الآن عند أدنى مستوى لها في عام 2024 بعد رأس السنة القمرية الجديدة، أو أقل بقليل.
وعلى نحو مماثل، هبطت أسعار الشحن البحري للتجارة بين آسيا وأوروبا خلال الأسابيع الأخيرة أيضاً إلى ما دون أدنى مستوى لها في العام الماضي.

ارتفع سعر آسيا الشمالية بنسبة 3% ليصل إلى 3064 دولارًا أمريكيًا للوحدة المكافئة لعشرين قدمًا. وظل سعر آسيا المتوسطية عند مستوى 4159 دولارًا أمريكيًا للوحدة المكافئة لعشرين قدمًا.

على الرغم من أن رفع الأسعار العام في أوائل مارس قد أبطأ هذا التراجع ورفع الأسعار بضع مئات من الدولارات، إلا أن الزيادة كانت أقل بكثير من الزيادة البالغة 1000 دولار التي أعلن عنها المشغل. وقد استقرت الأسعار في منطقة آسيا والبحر الأبيض المتوسط، وهي تعادل تقريبًا أسعار العام الماضي.

قال ليفين إن ضعف أسعار الشحن مؤخرًا، وخاصةً على خطوط النقل عبر المحيط الهادئ، قد يكون نتيجةً لعوامل متعددة تضافرت معًا. ويشمل ذلك ركود الطلب بعد عيد الربيع، بالإضافة إلى إعادة هيكلة تحالفات المشغلين مؤخرًا، مما أدى إلى اشتداد المنافسة وانخفاض كفاءة إدارة السعات، في ظل تكيف المشغلين مع الخدمات الجديدة.

مع حالة عدم اليقين التي تواجهها الصناعة، تلوح في الأفق عدة مواعيد نهائية رئيسية. من بينها جلسة استماع الممثل التجاري للولايات المتحدة في 24 مارس، والتي ستتخذ قرارًا بشأن رسوم الموانئ المقترحة؛ ووفقًا لمذكرة الرئيس "سياسة أمريكا التجارية أولًا"، فإن الموعد النهائي للوكالات للإبلاغ عن مختلف القضايا التجارية هو الأول من أبريل، بينما الموعد النهائي الجديد لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على سلع اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا هو الثاني من أبريل.